الصدأ يحطم الحديد والحزن يحطم القلب ولأن اليوم خميس يوم الأنس والأعراس والراحة فسنروي سالفتين واحدة من مصر وأخرى من لبنان لنبعد عنكم أحزان الأسبوع قليلاً.
شهيرات السينما والفن أخبارهن كثيرة وقليلها مثير وتعلمون أن عدداً منهن بعد أن يشبعن من الأضواء والمعجبين والمعجبات و«الهجايص» (وهذه كلمة مصرية لا أعرف معناها) تنزل عليهن توبة ربنا، فيهجرن الماضي إلى الحجاب والتدين.
وآخر أخبارهن أن شهيرة بدأت منذ ثلاثة أشهر تنتظم في جلسات دينية لدى صديقات لها، وذلك لكي تتعرف أكثر على تعاليم الدين، كما تقول وفي الشهر الماضي بدأ منزلها يشهد ندوات دينية وتقول إنها لا تفكر حالياً في ارتداء اللباس الإسلامي (لسه بدري) وإنما تتجه إلى الله تعالى لكي يزيل عن عينيها – وهذا كلامها – كل إغراءات الدنيا وأن يهديها إلى الطريق المستقيم.
ولأن طريق التوبة مفتوح لكل الناس وكذلك للفنانات مثل شهيرة لتسير على خط شمس البارودي وشادية وغيرهما، فإنه لا اعتراض على ذلك مع أن بعض الفنانات يعترفن بعد التوبة بأن الفن حرام والتوبة عن الحرام واجبة لكن ماذا نصنع نحن جميعاً وحياتنا كلها فن في فن؟ ولشهيرة نقول: ما كان من الأول يا شهيرة! وثاني سالفة من لبنان الذي ظلت نساؤه رغم الحرب المريرة لا يتنازلن عن أناقتهن وأزيائهن مثقال ذرة، وكذا كان اللبناني أيضاً الذي شبهه بعضنا لإصراره على «اللبس الثقيل» بالمليباري الذي يصر على الراديو كاسيت رغم عوزه وفقره!
وآخر الأخبار اللبنانية تقول إن حرب الأزياء اشتعلت بعد أن هدأت حرب الطوائف وإن زعماء جدداً ظهروا هم زعماء الأزياء والموضة الذين نسميهم «الخياطين» ويسمون أنفسهم بالمصممين واحد من هؤلاء يملك دكاناً يعمل به ٧٠ خياطاً وخياطة ويقوم بتصميم الفساتين لزبوناته وهن من مشاهير النساء العربيات عن طريق تلقي الطلبات بالفاكس والتلكس فيقوم بخياطة ملابسهن معتمداً على «مانيكان» صنع خصيصاً لصاحبة الطلب وأدنى تصميم لدى هذا الخياط سعره ستة آلاف دولار فقط، يا بلاش!
ومن زبائنه يقول خبر، سيدة عربية طلبت أربعة آلاف فستان في أربع سنوات أي ألف فستان في كل عام، أي أن هذا الخياط يصنع كل يوم ثلاثة فساتين جديدة لهذه السيدة التي حسب الرقم ترتدي ثلاثة فساتين جديدة في اليوم الواحد، لتؤكد بالطبع أنها امرأة عربية لا طراز لها في الوجود وتتحدى اليزابيث تايلور ومادونا وحتى ايميلدا ماركوس في أيام عزها.
وهذه الأخبار لا تحتاج حقاً لتعليق فبمجرد ما يقرأها الواحد منا تصيبه إحدى الحالات التالية حسب الشخص: فإذا كان من أصحاب المشاريع والتفكير التجاري فيتمنى لو أنه كان الخياط ليصبح مليونيراً في عام واحد ومن فساتين زبونة واحدة، وإذا كان من أصحاب المزاج السوداوي فسرعان ما يصيبه القهر على الخياط والسيدة معاً فينتحر وإذا كان من أدباء التقليعات التي لا نفهمها وهم خبثاء كما تعلمون فإنه سيتمنى لو كان فستاناً من فساتين هذا الخياط أما الحالات الأخرى فاتركها لمزاج كل واحد منكم ولخياله أيضاً وما خفي كان أعظم.
.. ويارب توبة!
من كتاب (خربشات في حدود الممكن)، إصدارات البيان، 1997.