وليلى هذه، ليست بالضرورة امرأة دائماً، إذ في عصرنا قد تكون فجلة أو بصلة، أو صابونة أو حشيشة، أو شقة أو سيارة، أو عملاً ووظيفة، إلى آخر قائمة ما يبحث عنه الناس ويكون السبب في همومهم وتطلعاتهم.
وفي الدول التي تجري فيها انتخابات برلمانية، يلتقط المرشحون وتراً يعرفون أنه يداعب الناس، فيعزفون عليه، أملاً في أصواتهم، فإذا ما دخلوا البرلمان نسوا وعودهم. فالمرشح للانتخابات العامة في تركيا إبراهيم هلال، درس ومحص، وفتش وبحص، ويبدو أنه مخمخها في رأسه عدل، فطلع على الأتراك يعدهم بالنساء، إذا أعطوه أصواتهم لكي يحظى بمقعد في البرلمان.
وبما أن القانون التركي يحظر حالياً على الرجل أن تكون له أكثر من زوجة، مع أنه كمثل كل شرقي متين البنية عريض المنكبين مفتول الشاربين تنطبق عليه المواصفات الكاملة للرجولة والفحولة، فإن المتوقع أن يصوت كل رجال تركيا، شبابهم وعجائزهم، لصالح مرشحهم الفحل هذا، ويرفعونه على الاكتاف حتى مبنى البرلمان وهم يهتفون في صوت واحد: أربع أربع، واحدة لا تنفع!
غير أن المرشح لن يدخل البرلمان سليماً معافى من الرضوض والكدمات ومن الشتم واللعنات، ذلك أن نساء تركيا سوف يستقبلنه في القرى والمدن، أثناء حملاته الانتخابية بالمكانس والشباشب، وبمياه الغسيل والطبيخ من فوق السطوح، والله يكون في عونه.
ولأن وطننا العربي ما فيه انتخابات ولا برلمانات إلا في بعض البلدان القليلة، فإن في ذلك ستراً للحال، وإلا طلع لنا مرشحون بوعود انتخابية أكثر طرافة وغرابة من وعود المرشح التركي، خاصة أن المواطن العربي تعوزه الكثير من الحاجات الضرورية التي قد يبدو في طلبها طرافة تتناقلها وكالات الأنباء.
فلو عادت الديمقراطية مثلاً إلى السودان حالياً، فإن الحظ الأوفر سيكون للمرشح الذي يكون شعاره: صابونة لكل سوداني، وفي لبنان، وهو بلد ديمقراطي على كل حال وإن كان على قد حاله، فإن شعار المرشح سيكون بعد الحرب الأهلية الطويلة: مصحة في كل قرية، وفي اليمن سيكون الشعار: القات حق للجميع كالماء والهواء.
أما في مصر، البلد الذي فيه أعرق ديمقراطية عندنا وتعرض برلمانه مؤخراً لفضيحة نواب الكيف، فقد قرأت بعض شعارات المرشحين كتبها يوسف عوف، فالاتحاد الاشتراكي يرفع لافتة: مزاج الشعب مسؤولية الحكومة، وحزب آخر، فليكن العمل شعاره الكوكايين كفاية وعدل، وحزب آخر يرفع مرشحه اللافتة: شمة لكل مواطن، وحزب رابع تقدمي تحرري نهضوي يقول مرشحه: يسقط ماكس فورت صنيع الامبريالية ويحيا أفيون السلام، وخامس يقول: ارفع ذراعك يا أخي فقد كان موعد الحقنة!
أما شعاري أنا فهو: لا تصدقوا ما تسمعون وصدقوا نصف ما ترون والباقي على الله.
من كتاب (خربشات في حدود الممكن)، إصدارات البيان، 1997.