عبد الحميد أحمد

النساء المناضلات

ربما إن كلامنا اليوم سوف يغضب الرجال، خاصة ذوي الشوارب الكثيفة الطويلة التي يقف عليها الصقر ويهز ذيله، وأصحاب العضلات المفتولة الذين نسميهم الحمش والقبضايات والجدعان والفتوات.

فهؤلاء، بعد سنوات من النضالات الوطنية والقومية والتقدمية والاشتراكية، ضيعوا حاضرنا، أما مستقبلنا فهو في الطريق إلى الانضمام إلى حاضرنا، وبعد مخمخة الدماغ وشقلبة الأمور وجهاً وقفا، وبعد التمحيص والتحميص معاً، وكذلك التدقيق في حالنا والتفحيص، اكتشف العبد لله كاتب هذه الزاوية، أن ثمة مستقبلاً لنا، مرهون في أصابع النساء وأناملهن الطرية، وفي بطونهن كذلك، على شرط أن نتصدى للمؤامرات التي تحاك ضدنا من الآن، على يد القوى التي تقول إنها تبني نظاماً عالمياً جديداً لكي تمنعنا من استخدام قوتنا وأسلحتنا السرية التي لم تكتشف بعد، أما أسلحتنا التقليدية وأسرارنا الاقتصادية والسياسية والعسكرية، فقد باتت مكشوفة لهذه القوى، ولم تعد تعمل لها أي حساب.

ونبدأ من البطن، الذي هو مستودع قوتنا المستقبلية، وفيه يكمن الخطر القادم الذي يراه الغرب يهدد مصالحه، ويعيد للعرب قوتهم وتفوقهم، لذا فقد بدأ الأعداء يكتشفون هذا الخطر ويتآمرون على البطون من الآن، بطون نسائنا بالطبع، لا بطون رجالنا التي كرشت وانتفخت على الفاضي.

لقد عرف هؤلاء أن نساءنا المبروكات ولودات، تضع الواحدة منهن عشرة مواليد في أقل من عشر سنوات، دون أن تكل أو تمل من الحمل والولادة، حتى إنهم عرفوا مثلاً أن مصر سيبلغ تعداد سكانها بفضل هذه الإنتاجية المتقدمة ٩٠ مليون آدمي عام ٢٠٠٠ وعرفوا أن سكان أم الدنيا يزيد بمعدل مليون كل تسعة أشهر، أما في فلسطين، فالذعر أصاب شامير وحزبه الليكود وحاخامات اليهود، حين قالت الإحصاءات إن معدل الولادة العربية فيها تصل إلى ٤.٧٪ مقابل ٢.٧٪ فقط لمعدل الولادات اليهودية، ومعنى هذا أن اليهود حتى لو انضم إليهم كل اليهود في الاتحاد السوفييتي سابقاً وغيره من الدول، سيكونون الأقلية في فلسطين بنسبة ٤٨٪ عام ٢٠٢٠. وما ينطبق على مصر وفلسطين ينطبق على غالبية دولنا العربية، ونحمد الله أن مصانعنا هذه لم تؤممها ثوراتنا وانقلاباتنا ولم تصبح ملكاً للدولة، وظلت قطاعاً خاصاً، وإلا فإن النكسات الكساد والخراب كان سيصيبها مثلما أصاب مصانعنا الأخرى، بل، كل حياتنا. وبما أن هذه المصانع سلمت من الثورات «ولم تسلم من مؤامرات الرجال» فإن الصواريخ الآدمية والسلاح البشري الذي تنتجه بكثافة صار يخيف إسرائيل والغرب معاً، وكافة أعوان ومريدي النظام العالمي، وبدأوا يعملون على إعطابه وإفشال مفعوله، بالتآمر على بطون نسائنا، وهكذا رأينا أن كافة منتجات مصانعهم من موانع الحمل على أنواعها يرسلونها إلينا، وبالمجان أحياناً تحت شعار المساعدات، فيما هم لا يرسلونها إلى إسرائيل، لكن هذه الأسلحة المضادة من باتريوت وكروز وتوماهوك لم تنجح في وقف هجومنا البشري.

وفشلت مع نسائنا الذكيات الفطنات الولودات، حتى إن نوعاً منها استخدمه الأطفال كبوالين ونفاخات، كرد عملي ساخر على مؤامرات الغرب على نسائنا، مستودع قوة المستقبل العربي. ولأنهم فشلوا في هذا السلاح التقليدي، فإن مصنعاً غربياً سينتج قريباً كما قال خبر مؤخراً حبة تقطع الحمل والنسل والعيال لعامين متواصلين، ويتعاطاها الرجال والنساء معاً، وستكون هذه الحبة موجهة لنا بالطبع لكنني واثق أن حريمنا سيكن لها بالمرصاد، ولن تمر عليهن هذه المؤامرة الجديدة. ولو لم يكن في الأمر مؤامرة غربية لأعطونا السلاح مثلما يعطون إسرائيل آخر موديلات كمساعدات، أو لشحنوا إليها موانع الحمل هذه، مثلما يشحنونها لنا كمساعدات أحياناً. أما السلاح الآخر الذي في أنامل وأصابع نسائنا، فنتحدث عنه غداً، لكي نغيظ الرجال أكثر، ولكي نحيي نساءنا المناضلات، داخل مستشفيات الولادة أو عند الدايات.

من كتاب (النظام العالمي الضاحك)، إصدارات البيان، 1998.