عبد الحميد أحمد

الزوجات تهذيب وإصلاح

نقول لإخواننا الشباب العزابية مبروك، بمناسبة موافقة مجلس الوزراء على مشروع صندوق الزواج، وفوقها 50 مليون درهم، وما عليكم إلا شد الهمة يا شباب. فبعد الآن، ليس من حق هؤلاء الانتظار إلى حين يشيب شعر الرأس لكي يدخل الواحد منهم القفص الذهبي ظافراً مظفراً، ولا من حقهم الشكوى من غلاء المهور وطلبات العروس وأهلها، ولا الهرب إلى خارج البلاد للزواج من أجنبيات وبنات الوطن ينتظرن هنا عريس الغفلة. ومن المتوقع أن نشهد بدءاً من الصيف المقبل لا هذا، وذلك لحين تشكيل مجلس إدارة الصندوق وبدء أعماله، رواجاً في حركة الخطوبة والزواج، ومعها بالطبع رواج أشد في أعمال الكهربائيين الذين يزينون البيوت بلمبات الأفراح، وفي أعمال المطابع التي تطبع كروت الدعوات، وفي أعمال مصممي فساتين الأعراس وديكورات الكوشيات، إضافة إلى رواج أكبر في الفنادق والمطاعم الشعبية، حيث لن يبقى شاب عندنا إلا وقد عقد العزم وسن شواربه استعداداً للدخول في هذه المغامرة، غير محسوبة النتائج، وبدأ بحثه الجدي عن بنت الحلال التي ترضى به بعلاً (من غير نقطة على العين)، وهذا كله سيساهم في انتعاش اقتصادنا الوطني. وشخصياً أضيف لهذه التوقعات، أن يشمل الانتعاش في حركة الزواج وسوق الأعراس طلبة الثانوية أيضاً، الذين سيجد بعضهم فرصة لربط مستقبله بحبيبة القلب التي يسهر الليل بطوله يغازلها على التليفون، تاركاً دروسه وراء ظهره، ثم إن أهله لن يعارضوا رغبته في هذه طالما أن الصندوق سيمنحه المساعدة، وسيقوم بتلبية رغبته، دون أن يصرفوا عليه فلساً من جيوبهم إضافة بالطبع إلى أن تزويجه وانشغاله ليلاً ونهاراً بعروسه سيشغله عن البليب والسيارة والصياعة في الشوارع مع أصدقاء السوء، وفي ذلك ما فيه من حماية له ومستقبله، خاصة أن الذي تعجز أمه وأبوه عن تربيته وتأديبه، تتولى زوجته تأديبه وتربيته على يديها الحانيتين وجعله رجلاً رغم أنفه، وفي أقل من سنة، واسألونا عن المجربين، حيث أصبح شعارنا في الحياة «الزواج تأديب وإصلاح».

وبمناسبة الصندوق الذي لن نستفيد منه نحن، إلا إذا قرر مجلس إدارته إعطاءنا فرصة زواج ثانية أو ثالثة، وبحكم كوننا من الذين خاضوا التجربة سابقاً وعانوا من حلاوتها وصاروا مخضرمين فيها إلى درجة أن طلع الشعر الأبيض على شواربهم قبل الأوان، سقط الشعر من رأسهم عن بكرة أبيه وصار عند الواحد منا بطيخة أكبر من بطيخ الطائف فإننا ننصح إخواننا الشباب الذين فتح الصندوق شهيتهم للزواج بنصائح مجربين، وهي كما تعلمون أحسن من نصائح الأطباء، لضمان حياة زوجية سعيدة خالية من النكد والهم والغم والصراخ والشتم واللطم واللكم، ومن الضرب بكل شيء مما تصل إليه يد الحرم المصون بدءاً من النعال وخاصة الكعب العالي ومروراً بالمقشة وانتهاءً بالصحون والأطباق الطائرة التي لا يقف في طريقها حتى باتريوت نفسه. أول ما ننصح به هو السمع والطاعة، وعدم مخالفة رأي الزوجة، حتى لو كان الرأي خاطئاً ولا منطق فيه، فذلك يجنبكم المجادلة والحشرة وصدعة الرأس التي لا يفيد معها البنادول ولا الأسبرين، والقاعدة الذهبية للتعامل مع آراء الزوجات هي: أذن من طين وأذن من عجين، ونلقي جانباً المثل المصري القائل «شورة الحرمة إن صحت تأخر سنة» فما بالكم إذا أخطأت.

وثانياً، عليكم بإبعاد شؤونكم الخاصة والعامة من تدخل الأمهات والأقارب خاصة الحموات، فهذه القوى العظمى كفيلة بإفساد حياتكم الزوجية وتحويلها إلى جحيم، مثلما هو الحال مع العرب، حيث تميل القوى العظمى دائماً لصالح إسرائيل وضدهم وإن كانوا على حق، حالهم في ذلك حال كل زوج مع حماته. ثم لا تنسوا أن تسلموا الراتب كاملاً لخزينة البيت، لكي يتم التصرف فيه بعلم وزارة الداخلية، والتي هي وزارة مالية في الوقت نفسه، واكتفوا بالمطالبة بمصروفكم اليومي، هذا إذا طلع لكم مصروف، ولا تسألوا أبداً عن كيفية صرف هذا الراتب لكي لا تأكلوا علقة ساخنة على هذا السؤال البايخ. وهنا طبعاً نصائح أخرى مهمة، نتركها لضيق المساحة ولفهمكم وفطنتكم، وإذا حالفكم النجاح ونفذتم مثل هذا الكلام، فإن شهر العسل الحلو مضمون، أما بعد ذلك من شهور وسنوات فالرحمة عليكم واجبة.

من كتاب (النظام العالمي الضاحك)، إصدارات البيان، 1998.