عبد الحميد أحمد

بطاطا x بطاطا

نتحدث اليوم عن البطاطا: بطاطا ميخائيل وبطاطا كاسترو وبطاطا كويل.

ونبدأ من الأولى، التي كانت خاتمة المطاف في زيارة ميخائيل جورباتشوف إلى إسرائيل، حيث شملت في برنامجها جولة على مستوطنة من التي يسكنها اليهود المهاجرون من الاتحاد السوفييتي سابقاً، واطلع فيها جورجي على إنتاج هؤلاء من البطاطا التي أطلقوا عليها بطاطا ميخائيل، تيمناً باسمه، وتقديراً له ولدوره في إطلاق هجرتهم إلى إسرائيل، وقد شاهدنا الوكالات التي نقلت إلينا صورة جورجي وهو يمهر حبه بطاطا بتوقيعه وفوقها ابتسامة.

وقبل هذه الصورة شاهدناه وهو يضع طاقية اليهود على رأسه عند زيارته للنصب التذكاري لضحايا النازية، وشاهدناه بين لفيف من الأطفال وعلى رأسه وعلى ذراعه حمامتان بيضاوان، ترمزان للسلام على الطريقة الإسرائيلية.

ثم قبض جوربي الدكتوراه الفخرية بيد، وباليد الأخرى مبلغ 35 ألف دولار، قيمة الخدمات التي أداها لإسرائيل، وعلى رأسها السماح لحوالي نصف مليون يهودي بالهجرة خلال عهده الميمون.

ومع أن جوربي حاول قبل بدء زيارته هذه أن يخلع عنها الصفة الرسمية، باعتبار أن الجهة الداعية جامعة أهلية، غير أن استقبال ديفيد ليفي له في المطار، ثم مقابلاته مع المسؤولين الإسرائيليين، بما فيهم شامير نفسه، ومجمل زيارته التي أحيطت بالمظاهر الرسمية والإعلامية، دلت على أن مقدار جوربي ومكانته كبيرة وعالية في قلوب اليهود، خاصة وهو يصرح أنه فهم بعد هذه الزيارة عظمة الشعب اليهودي الذي يتمسك بأرضه، على حد زعمه، ويطالب سوريا بالتوصل لحل وسط مع اليهود بشأن الجولان.. يا سلام!!

ولم نستبعد من جوربي، ألا يقول جملة حق بحق الفلسطينيين لأنه قبل ذلك، لم تذرف له عين، وهو يرى بلاده تنهار، وتصير بطاطا بيوريه أو يرى شعبه يجوع بحثاً عن بطاطا، فيما هو يلف دول الأغنياء، من اليابان شرقاً إلى أمريكا غرباً، ليقبض ثمن خدماته الجليلة التي قدمها للإنسانية، ويتحول بذلك إلى واحد من أصحاب الملايين، وقد عبر رسم كاريكاتيري عن حالته هذه حين ظهرت حرمه المصون رايسا تركض وراءه لضربه وهي تقول: 35 ألف دولار فقط ثمن 400 ألف مهاجر، يا خيبتك.

أما بطاطا دان كويل، نائب الرئيس الأمريكي، الذي يطلقون عليه السياسي من وزن الذبابة (وكفاه الله شر الفليت)، فقصتها أن كويل أخطأ تهجئة كلمة بطاطا بالإنجليزية، وكتبها خطأ أمام تلاميذ مدرسة، كتبوها بطريقة صحيحة، مما يجعله حقاً سياسياً من وزن الذبابة، وإن كان شعبه لا يشكو من الجوع كما هو الحال بالنسبة لشعب جوربي، الذين لا شك أنهم لعنوه حين شاهدوه يوقع على البطاطا الإسرائيلية، وهم يتمنون لو أنها بين أيديهم لتكفيهم وجبة عشاء قبل أن يذهبوا إلى أسرتهم وبطونهم خاوية.

أما كاسترو الذي لا يزال يعاند التيار، ويقاوم الضغوط ويرفض إصلاحات زعيم الشيوعية جوربي، الذي تخلى عنه، فقد أعلن مؤخراً انتصاره في معركة البطاطا، من بعد انتصاره في معركة الحصار عليه وتشجيعه الشعب الكوبي على ركوب الحمير الحصاوي… أي المتينة بدلاً من السيارات توفيراً للطاقة، حيث أعلن أن كوبا أنتجت هذا العام. ضعفي إنتاجها من البطاطا العام الماضي، بفضل اشتراك الجنود والطلاب في مساعدة الفلاحين على تحسين محصول البطاطا.
من كتاب (النظام العالمي الضاحك)، إصدارات البيان، 1998.