يُشكر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، على مكرمته الخاصة بمنح لاعبي أندية الشارقة، في كل اللعبات، قطعة أرض إضافة إلى مائتي ألف درهم، لمساعدة المتزوجين منهم، ولتشجيع غير المتزوجين على بناء بيوتهم وعلى الاستقرار والشعور بالأمن النفسي والاجتماعي.
هذه المبادرة هي في سياق اهتمام سموه وإخوانه الحكام بالشباب ورعايتهم، وتوفير كل ما من شأنه الارتقاء بهم، في كافة المجالات، الرياضية والثقافية والاجتماعية، وما تأكيد حكامنا في كل وقت على أن الشباب هم ركيزة حاضرنا، وأمل مستقبلنا إلا تعبير عن إدراكهم لحقيقة أنهم هم الثروة الحقيقية، التي تتضاءل معها قيمة كل ثروة أخرى، من دونهم.
هذا الحرص، انعكس في الإمارات في الدعم الكبير الذي تحظى به الحركة الرياضية، ممثلة في الأندية، التي توفرت لها منشآت ومبان متكاملة وحديثة، إضافة إلى الدعم المالي المستمر، على أمل أن تكون هذه الأندية هي بيوت الشباب وملتقاهم، يجدون فيها ما يشغل أوقاتهم وينمي مواهبهم وقدراتهم ويصقل أخلاقهم وشخصياتهم.
وللحق، فإن أنديتنا، لعبت مثل هذا الدور على مدى سنوات طويلة في الماضي، حتى في ظل إمكانياتها المتواضعة آنذاك، فمنها خرج لاعبون مهمون، ومنها خرج أدباء وفنانون، ومنها خرج آخرون ولجوا مجالات الحياة العديدة بعد ذلك، كرجال يعتمد عليهم ومحل ثقة واقتدار.
وما زلت شخصياً، أتذكر بعض هذه الأندية في الستينيات والسبعينيات، يوم كانت وحدها ملاذنا من الضجر والملل ووقت الفراغ، ننخرط في نشاطاتها المتنوعة جماعات جماعات من الفتية والشباب، ففينا من يمارس الرياضة، وفينا من يستهویه المسرح والموسيقى والغناء، وفينا من يجد نفسه في الثقافة، ونشاطاتها المتعددة في النادي، من مجلة الحائط إلى النشرة المطبوعة على الستانسل، إلى المكتبة، وما إلى ذلك من أنشطة متعددة، فلكل في النادي حصة، وكنا نمحض نادينا الولاء نفسه، الذي نمنحه للمدرسة أو للبيت.
غير أن أنديتنا، للأسف، لم تطور، مع تطور الحياة من حولها، من مفهومها السابق ولم تحافظ عليه، باعتبارها أندية للشباب بمختلف اهتماماتهم وهواياتهم، فانقطع عنها هؤلاء وانصرفوا إلى الشارع والأسواق والمراكز التجارية وغيرها من الأماكن التي تساهم في تدهورهم، وانصرفت هي بالمقابل إلى مجرد كونها أندية اللاعبين فحسب، وللمباريات والمسابقات ليس أكثر.
وعلى سبيل المثال، فإن الصيف يأتي، ولا يعلن ناد اليوم عن برنامج مثلاً لتعليم السباحة، أو برنامج لتعليم طاولة التنس لمحبي هذه الرياضة، لا عن خطط لاستيعاب الشباب خلال الصيف في برامج ترفيهية مفيدة، وكان يمكن لأي ناد بأقل الإمكانيات تنظيم دروس تقوية مثلاً لطلبة الدور الثاني أو تنظيم برامج مسابقات، أو رحلات، وغيرها من النشاطات الاجتماعية والثقافية، بما في ذلك عرض أفلام مفيدة لهم، ولو كانت درامية من روائع هذه الأفلام، وتوفير كافيتريات صالحة يجد فيها الشاب ألعاباً خفيفة من الكمبيوتر وحتى الكيرم، فذلك أفضل ألف مرة من تركهم «يصيعون» في الشوارع على حريتهم وبعيداً عن عين الرقابة والإشراف.
فبعيداً عن مثل هذه الاهتمامات تتحول أنديتنا شيئاً فشيئاً، من أندية شبابية ذات دور اجتماعي، إلى مجرد أندية لاعبين وإدارة، أي أندية قلة، وقطاع خاص، ما يستوجب معه من المسؤولين عن الشباب والحركة الرياضية في الدولة، إعادة النظر في دور هذه الأندية وهدفنا منها، ونرى البداية في أن يبادر أصحاب السمو الحكام الذين لا يبخلون على هذه الأندية بالدعم والتشجيع إلى إصدار توجيهاتهم السامية للإدارات الرياضية، لكي تعيد للأندية دورها الاجتماعي بالشكل الصحيح، فشبابنا أحوج ما يكونون إلى مثل هذه الأندية، في ظل غياب البديل. 13/6/1993