عبد الحميد أحمد

يا قلبي لا تحزن

مع ان العام الدراسي يبدأ اليوم إلا ان ثمة طلبة لن يذهبوا إلى مدارسهم، للسبب المعروف إياه، الصيانة التي لم تنته بعد في بعض المدارس . طبعا الكرة الأرضية لن تتوقف عن الدوران لأن المقاولين أو البلديات أو الذين تعهدوا صيانة المدارس لم ينجزوا أعمالهم في الوقت المحدد، غير ان عددا من الطلبة ربما يصل إلى مئات سوف يتأخرون في تحصيل دروسهم، هم في حقيقة الأمر أسعد خلق الله، لأنه ليس هناك من هو أكثر سعادة من طالب يحصل على إجازة في موسم دراسي. غير ان تأجيل الدراسة بسبب الصيانة صار مفهوما لأن التكرار يعلم الشطار، مقابل قرارات أخرى تتخذ على صعيد العملية التعليمية فيؤجل تنفيذها من عام لآخر لسبب أو لغيره، تعددت الأسباب والتأجيل واحد. مثال فإن تأجيل عطلة الخميس المفترضة إلى العام المقبل وتبريره بعدم الاستعداد الكافي يدخل في سياق عشرات القرارات التي نتخذها عموما في حياتنا، لا على صعيد التربية وحدها، ثم لا نعمل حسابا لتنفيذها في وقتها ولا نستعد لها كما ينبغي الاستعداد، فتتأجل مرة لعام، ثم لعامين ثم إلى الأبد لأن النسيان يكون قد طواها. وهناك كلام عن تأجيل تأنيث المرحلة الابتدائية إلى حين، إما بسبب نقص المدرسات أو بسبب الرغبة في تدريبهن وتأهيلهن، فإذا كان هناك نقص في عدد المدرسات المطلوب للتأنيث أو قصور في تدريبهن، فلماذا اتخذت الوزارة قرار التأنيث إذن من العام الحالي؟ ومن تأجيل إلى غيره، نصل كمثال آخر إلى تأجيل فتح مدارس نموذجية أو بدء الدراسة فيها، كنموذجية دبي، بسبب كما عرف، قلة عدد المسجلين، الذين استكثروا كما يبدو رسوم هذا النوع من المدارس، ما عطل البدء فيها، فيمكن معه سؤال التربية: إذا لم تكن هذه المدارس قد خضعت لدراسة جدوى وعرف معها إمكانيات نجاحها وضمان هذا النجاح، فلماذا طرحت للتجربة من هذا العام؟ طبعا هناك تأجيل آخر ربما تتعرض له فصول في مدارس أو مدارس بكاملها، لنقص المعلمين مثلا، أو نقص الكتب مما نعرفه يتكرر كل عام، أو لسبب استمرار تنقلات المعلمين والطلاب سوية من مدارس إلى أخرى، أو مناطق إلى غيرها، في عملية تمتد عادة من أسبوع إلى شهر أو أكثر، فتتعطل عمليا الدراسة بشكل أو بآخر، مما نجده في شكاوى أول العام الدراسي يجأر بها الطلبة وأولياء الأمور والمدرسون معا. وتبقى مشكلات التربية والتعليم كثيرة لا تحصى، ربما لا يستحسن ذكرها في أول العام الدراسي، لكي لا نفسد مزاج المدرسين والطلبة وأولياء أمورهم، لولا ان هذا الخوف ليس في محله، فهؤلاء مزاجهم فاسد من المدارس العام الماضي والحالي وكل عام، فيذهب اليوم أغلبهم إلى المدارس كالح الوجه، ولسان حاله يقول: من عام دراسي إلى آخر يا قلبي لا تحزن.

عبد الحميد أحمد

التاريخ: 12 سبتمبر 1998