عبد الحميد أحمد

أزمة سكن المواطنين

في اقل من شهر طالعنا ثلاث حالات لمواطنين عندهم أزمة حقيقية مع السكن، الاول من ام القيوين والثاني من أبوظبي والثالث من رأس الخيمة، وكان يمكن لصحافتنا ان تمضي قدما فتكشف عن مزيد من الحالات لمواطنين آخرين وفي كل امارة تقريبا، فأزمة سكن المواطنين عامة ، وما الحالات الثلاث الا عنوان الازمة أو صورتها في اسوأ حالاتها.

وتظل حالة مجحوت، اي المكدود والمهدود حيله ليكون اسما على مسمى حقيقيا، قمة كوميدياء السكن السوداء، فالرجل انهار واغمي عليه عندما لم يجد اسمه من بين المستحقين لمساكن شعبية تم توزيعها مؤخرا، بعد انتظار دام سنوات، فالصدمة كانت قاسية حملته فورا إلى المستشفى، لان معنى عدم وجود اسمه انتظار سنوات اخرى طويلة للحصول على مسكن، والعمر ليس فيه بقية، ولا فيه من الحيل والعزيمة كثير، طالما انه مجحوت حقيقي.

وهناك السويدي من أبوظبي الذي يترأس ادارة المساكن في دائرة حكومية غير انه من دون سكن خاص، لولا ان بلدية أبوظبي ردت مشكورة بأن المذكور يملك ارضا للسكن، فيما المقصود انه لا يملك مسكنا شعبيا، إذ ليس كل من يملك ارضا يستطيع تعميرها وتشييد مسكن فوقها، فدون ذلك مع غلاء البناء في الامارات خرط القتاد، فتبقى مشكلته قائمة في المسكن لا في الارض. أما حالة عسكر رأس الخيمة الذي ينتظر السكن منذ 17 عاما والذي يعيش اليوم في بيت خشبي، فتكاد تكون حالة آلاف من مواطني الامارات الشمالية كلها، ممن يتزايد عدد افرادها وعدد اسرها من دون ان يواكب ذلك زيادة واقعية في عدد المساكن المخصصة للاسر، إما لضعف ميزانية الاسكان الاتحادية ومخصصات المشروعات السكنية، وإما لانعدام البرامج المحلية للسكن، على نحو ما هو موجود في امارتي أبوظبي ودبي. مع ذلك فان ظهور حالات انتظار لسنوات طويلة للحصول على مسكن شعبي لا يبررها ما سبق، فمشروعات الاسكان الشعبي الاتحادية لم تتوقف على الاطلاق، وان قل عددها، ما يعني ان هناك سوء توزيع لهذه المساكن، إلى درجة ان مستحقين فعليين لم يحصلوا على مسكنهم الخاص، ليس الا مجحوت وعسكر مثالا لهؤلاء، والا كان لهؤلاء الاولوية على قوائم المستحقين عند الانتهاء من دفعة من هذه المساكن، لا بقائهم على قوائم المنتظرين.

طبعا سوء التوزيع في جانب منه كان يحدث لسبب معروف تماما، وهو ان وزارة الاشغال تسلم المساكن للحكومات المحلية لكي تقوم هذه بدورها في توزيعها على مواطنيها المستحقين، وكان باستمرار يشوب هذا التوزيع نواقص ومثالب، بدءا من التدخل لصالح فلان إلى المحسوبية والواسطة، إن لم نذهب بعيدا في تفسير سوء التوزيع هذا، ما جعل الوزارة تقف عاجزة تماما عن انصاف المستحقين طالما ان دورها يتوقف عند اتمام البناء ولا يشمل التوزيع.

هناك الآن الاحلام المعقودة على برنامج زايد للاسكان الحكومي الذي اقرته السلطات العليا كافة واصبح نافذا مع وجود مجلس ادارة له، لكي يساهم فعليا وبقوة في حل ازمة الاسكان الكبيرة عن طريق تقديم قروض ميسرة من ناحية وبناء مساكن شعبية من ناحية اخرى لذوي الدخل المحدود، مع الامل ان يتجاوز البرنامج في ادارته وطريقة تنفيذ مشروعاته سلبيات الاسكان في الماضي، فيحصل كل ذي حق في مسكن على حقه، من دون واسطة ولا محسوبية ولا تدخل، خاصة ان هناك آلاف (المجحوتين) في الانتظار.

عبدالحميد أحمد

التاريخ: 24 أكتوبر 1999