زرت وزملاء (تلال الامارات) احد مشروعات شركة اعمار العقارية التي يعاني سعر سهمها في السوق هذه الايام، مع اسهم شركات اخرى، هبوطا يهدده للوصول الى ما دون مستوى سعر التأسيس الثاني وهو25درهما، وبلا شك ان ارضا جرداء بلقع تتحول بفضل هذا المشروع الى واحة غناء مخضوضرة بالماء والينابيع والخضرة والوجه الحسن ، فهناك من هذا الاخير موظفات الاستقبال والتسويق، حيث الذوق عنوان المشروع كله.
ومن الذوق ما رأينا من جمال تصميم الفيللات المعروضة كنماذج ومستوى الفخامة في كل منها، حتى اضطررنا عند بدء جولتنا للتعريف بأنفسنا لمرافقتنا بأننا (لغاية لاشراية) ، وسنشرح لاحقا للقراء المعنى، فكل منها (الفيللا لا المرافقة) تتحدث عن نفسها بما تمتاز به من مرافق يجعلها تجمع بين متعة السكن والراحة والسحر، وكأن الفيللات صممت ونفذت بأجوائها الساحرة لكي تكون منتجعا حقيقيا للساكنين، ممن ينشدون، لا الهدوء وحده، بل المتعة معها والرفاهية.
اما لماذا نحن (لغاية لاشراية) ، فاللغاي عندنا يقابلها بالمصري الفصيح (الرغاي) الذي يكثر الكلام، اي طويل اللسان، و (الشراية) تعني المشترين، فنحن صحفيون على ابواب الله وعلى ابواب المسئولين نبحث عن اخبار وموضوعات، وحد الواحد منا فيما لو راودته نفسه في فيللا ربما لايكون اكثر من باب من ابوابها او رخامة من قطع رخامها اللامع، لذلك رفعنا الشعار السابق مبكرا لكي لا تأخذ فينا المرافقة مقلبا فتعتقدني احد المشترين الكبار، وتعتقد زميليّ المرافقين مستشارا ماليا ومحاسبا على التوالي.
الفيللا طبعا من فلل (تلال الامارات) لن يقل سعرها عن ستة ملايين درهم الى تسعة على اقل تقدير، مع حساب الارض بمئة درهم للقدم المربع الواحد في المتوسط، وهناك حجوزات فاقت عدد الفيللات المعروضة للبيع حسب مصادر مسئولة في الشركة نفسها بعدة مرات، مايعني ان هناك، فيما لو صحت هذه الحجوزات، مئات والافا من الناس القادرين على اقتناء الفخامة بسعرها، فالمشروع لمن يقدر لا لـ(المقاصيص) امثالنا، الذين يتجولون للفرجة ثم يندمون، لانهم يغادرون وقلوبهم تدمى من الوجع.
طبعا مع الفيللات التي تم تشييدها بأذواق مختلفة من الذوق السنغافوري الى الذوق الامريكي، ثمة تخطيط مكتمل للمشروع يشتمل على بحيرات وملاعب جولف وخضرة ممتدة وشوارع تحف بها الاشجار وتوزيع لقسائم الارض جاهزة للبناء فورا مع بوابات حراسة وادارة قائمة بذاتها للمشروع، مايعني ان العمل جار على قدم وساق وان المشروع بانتظار المستثمرين الراغبين، اي الملاك والمشترين ليس الا.
وبما ان المشروع حتى مع وجود نسبة عالية من الحجز، لن ينتهي العمل به ولن يكتمل تماما الا بعد مرور مايقارب اربع سنوات على اقل تقدير، فإن ورشة بناء ستقوم في المنطقة كما ان حيا سكنيا جديدا للنخبة المالية سيولد، على انقاض صحراء جرداء بلقع، مثلما ظهر عليها اول ملعب للجولف مجاور للمشروع الحالي، فنعرف ان المغامرة المحسوبة تستطيع تغيير وجه الارض والاقتصاد والمجتمع الى الافضل.
طبعا لا اعمل دعاية للمشروع، فإعمار اقدر على الدعاية والاعلان لمشروعها بما تملك من مال، غير اني اسجل انطباعات عن زيارة للمشروع احاول ان امسح بها ماخلفته من آثار في نفوسنا، فأختم بملاحظة ان المكتب في الفلل التي رأينا على خلاف بقية المرافق، اصغر بكثير من ان يحتوي على مكتبة بمئة كتاب، فالفلل (من قبل ومن بعد) ليست للمثقفين ولا الصحفيين ولا الأدباء، ولو فاز الواحد منهم بنوبل، فقيمة هذه لاتزيد على قيمة حوض السباحة او المطبخ في الفيللا الواحدة، فأنصح هؤلاء بعدم التهور بزيارة المشروع ولو من باب الفضول، فالفضول قتل القطة.
عبدالحميد أحمد
التاريخ: 21 أكتوبر 1999