زنوبة وامبيريك في قفص الاتهام، في قاعة محكمة كويتية، تلك اللقطة لم يعد بإمكان أحد أن يتجاهلها، فما كان بالأمس دخاناً ظهرت اليوم ناره.
وزنوبة أمرها واضح، فهي تقر وتعترف بالتعاون مع سلطات الاحتلال العراقي، لكن امبيريك أمره غامض، وحين نقول غامض فإننا لا نبرئ ساحته قبل أن تقول العدالة كلمتها، كما حاولت بعض وسائل الإعلام التي انجرت خلف «المناكفات» الإعلامية إلى إسباغ صورة المظلوم عليه، مستبقة بذلك كلمة المحكمة، حتى أن بعض هذه الوسائل كان يتجنب ذكر اسمه من بين المتهمين رغم وروده بينهم، حتى مثل أمام القاضي، ولم يعد تجاهل ذكر اسمه ممكناً، لأنه (التجاهل) يصبح في هذه الحال نكران حقيقة، وإخفاء معلومة وفقدان مصداقية.
ولا نود من وراء هذا الكلام استباق الحكم وإدانة الرجل الذي أحببناه جميعاً، فقد قلنا سابقاً إننا نتمنى أن يكون بريئاً، لكن فاجعة الكويت المريرة علمتنا أن إفراطنا في الحب تحول لدى البعض إلى جهل وغفلة قابلين للاستغلال البشع، وهو ما لا نرضاه بعد الآن.
وزنوبة تقر على امبيريك تعاونه، لكن هذا الأخير توفرت له فرصة أن يكون خارج السجن بكفالة، مما سهل له التحدث مع وسائل الإعلام وذرف دموع تستجدي العطف، لكن أمر غموضه لا يزال قائماً، حتى أقواله في المقابلات التي أجريت معه وكذلك التي أدلى بها في استجواب المحكمة لم تخل من تناقضات مثيرة للعجب والتساؤل والغموض!
فهو كان موجوداً في حفلة الفنانين وفي تأسيس النقابة، وفي الوقت نفسه فهو يساعد المقاومة وهو كويتي بدون لكنه ذهب للعراق عشر مرات خلال الغزو واستخرج جوازاً إلى آخر هذه المتناقضات التي نثق في قدرة المحكمة على فك رموزها أما القول بأن ما قام به كان تحت تهديد الضغط فهو ما يقوله الجميع مع اننا نتساءل لماذا على سبيل المثال لم يتهم فنانون آخرون كانوا تحت الاحتلال بتهم مماثلة أمثال عبد الحسين عبد الرضا وعلي المفيدي وغيرهما لو لم تكن هناك ملابسات مثيرة للشبهة والاتهام عند المتهمين الحاليين؟
يحق لامبيريك أن يدافع عن نفسه بما يشاء وكيف يشاء بدموع التماسيح أو بمواهبه التمثيلية أو بمحاميه أو حتى بالاعتماد على محبة الناس له، فتلك من حقوق المتهم وامبيريك متهم نتمنى أن تظهر براءته، حتى لا نرى الأشخاص الذين أحببناهم يتساقطون خونة وعملاء وجواسيس فإبراء عشرة مذنبين خير من إدانة بريء واحد، فيما لو كان بريئاً حقاً.
من كتاب (خربشات في حدود الممكن)، إصدارات البيان، 1997.