لا علاقة بين موضوع التكامل الاقتصادي المصري الليبي وبين الحديث عن الفنانة الراقصة فيفي عبده إلا من باب أنني كنت أنوي الكتابة اليوم عن الموضوع الأول، حتى قرأت خبراً صغيراً أمس في صحيفتنا هذه فأثار شهيتي للحديث عن الرقص.
يقول الخبر إن فيفي عبده رفضت سداد ٢٠٠ ألف جنيه لمصلحة الضرائب في مصر بحجة عدم توفر سيولة نقدية لديها من أصل ٣٠٠ ألف جنيه القيمة الإجمالية المستحقة على دخلها خلال ثلاث سنوات وبعد اعتراضات منها خفض المبلغ إلى ٢٠٠ ألف فقط وحين رفضت دفع هذا المبلغ أحيلت الفنانة إلى نيابة التهرب من الضرائب.
لنا أن نتصور كم كان دخل فيفي لتكون الضرائب المستحقة عليها كل ذلك الرقم الكبير وتعرفون طبعاً أن دخل الرقاصة سواء كانت فيفي أو غيرها يأتي لأنها تفكر بوسطها مع أن هناك صديقاً يقول إن هذا الدخل يأتي لأننا نحن الذين نفكر بوسطها حيث تتعلق عقولنا بهذا الوسط في حفلات الهز والوحدة ونص وهات يا تنقيط وعليه تعرفون كذلك أن الذي يفكر بعقله يموت جوعاً حتى أنني أعرف شابة قالت لصديقتها مفاخرة إن خطيبها كاتب كبير، فقالت لها صديقتها: كم باع من كتبه؟ فردت عليها الشابة: باع كل مجوهراتي!
على كل حال لا أعتقد شخصياً أن موسم الفن الساخن الذي عادة ما يكون في الصيف سيبور هذا العام لأن فيفي عندها مشكلة مع نيابة الضرائب فهناك آلاف غيرها من القادرات على تسخين الموسم وجعله حاراً ملتهباً يتفصد من أوساطه العرق في القاهرة ودمشق وبيروت وتونس والدار البيضاء وحتى لندن وباريس وغيرها من العواصم التي يؤمها السياح العرب كل صيف بحثاً عن البهجة والمتعة والفرفشة، وهذا الصيف تحديداً سيكون أسخن من غيره لأن الفنانين والفنانات يريدون تعويض الكساد الذي أصابهم من العام الماضي حيث أفسد صدام حسين بغزوه الكويت أعمالهم وجمدها فصار عندهم نقص خطير في السيولة، وعرضهم للبهدلة من مصلحة الضرائب وثانياً لأن السياح العرب يريدون الانتقام من الصيف الماضي الذي قضوه في أزمة «أم المعارك» التي أفسدت عليهم صيفهم وسياحتهم.
وفي هذا الاتجاه قرأت على سبيل المثال لا الحصر فقط أن شريهان، يا عيني ذات العظام اللي مثل البان، ستقدم عملاً مسرحياً بالإسكندرية، وقرأت عن عشرات المسرحيات والحفلات الغنائية التي ستقام في القاهرة يحييها فنانون من كل الدول العربية، من الخليج والمغرب ومصر وتونس وغيرها، وفي دمشق كذلك وبيروت، أبطالها عبدالمجيد عبدالله وطلال مداح وغادة الشمعة وسيمون ولطيفة وحنان وجالا فهمي وكل أساطين الطرب والتمثيل والغناء والرقص والدربكة والسهر والبهنسة كل ذلك للترويح عنا، نحن الذين نسيح مع حر الصيف في العواصم نبحث عن الملاهي الليلية ومسارح الفرفشة وصالات النغم والرقص وفوق ذلك يطلع من يطلع لنا من الذين يحبون الغم وتعكير المزاج ويزعم أن عندنا أزمة فن.
ما يجمع هذه الترتيبات الفنية هو حقيقة أنها تمثل التكامل العربي، فعلى الرغم من اللخبطة السياسية التي نعيشها بفضل إنجازات «أم المعارك» فإن فنانينا وراقصاتنا ومطرباتنا سيحيون حفلات في كل العواصم خلال الصيف وسيحققون التكامل العربي الذي سألت عنه مرة زميلنا «ميم. كاف» فأجابني: «ياه، لسه فاكر»!
وما أخشاه شخصياً هو أن يغطي هذا التكامل العربي الفني، الذي يجمعنا على الدف والطبلة والوحدة ونص وهز الأوساط الفنية على خطوات تكامل حقيقية تدعو للتفاؤل، مثل مشاريع التكامل المصري الليبي التي تجري هذه الأيام وتسر الخاطر فعلاً ويصير حالنا مثل عناوين مسرحيات هذا الموسم ومنها «طراطير» و«دلع الهوانم في حارة العوالم» و«اللي اختشو» وأخيراً وهو الذي يناسبنا أكثر «أخويا هايص وأنا لايص».
من كتاب (خربشات في حدود الممكن)، إصدارات البيان، 1997.