عبد الحميد أحمد

جوزك على ما تعوديه

الفضيحة لا تمشي على قدمين بل تطير طيراناً في الهواء.

وما عندنا ينطبق عليه هذا الكلام، بخلاف أنه في الغرب تحط الفضيحة على صفحات الصحف، بينما تظل عندنا معلقة في الهواء من فم إلى فم.

فآخر فضيحة إنجليزية هي أن السير الن غرين رئيس مجلس المدعين العامين، وهو ثالث أقوى منصب في القضاء البريطاني، قد ضبطته الشرطة في منطقة كينجز كروس وهو يساوم إحدى بنات الليل.

المدعو، وهو متزوج وله بنت وولد، وعمره 56 عاماً، قدم استقالته على الفور بعد أن وجهت إليه الشرطة تهمة ملاحقة النساء بسيارته، وهي مخالفة يعاقب عليها القانون البريطاني.

ولو أن لدينا مثل هذا القانون، لكان نصف الرجال المتزوجين إما في السجن، أو عاطلين عن العمل الآن، بعد أن تكون صحيفة سوابقهم قد تلطخت بالنقاط السوداء على حد قول البلدية والشرطة.

وكنا نعتقد أن الشباب وحدهم، خاصة فئة المراهقين، هم الذين يصولون ويجولون في الشوارع، يلاحقون بنات المدارس والسيدات في الحدائق والأسواق، فإذا بحفنة من رجالنا، ممن تعاودهم المراهقة وهم في أرذل العمر يفعلون ما هو أسوأ وكانت معاكسة البعض لمدرسات إحدى المدارس في أبوظبي مؤخراً، صورة فاقعة لمثل هذه التصرفات المشينة، ناهيكم عما نسمعه وتسمعونه من خفايا جعلت للبعض حياة نهارية عادية وفي الليل حياة أخرى سرية، وكله بالمستور.

طبعاً لا يمكن الحد من حرية الإنسان الشخصية، فهو المسؤول أولاً وأخيراً عن سلوكه وسيرته وحياته، وإذا لم يردعه وازعه الذاتي وحبه لأطفاله وأهل بيته وأسرته ومصلحة مجتمعه، فلا يمكن لقانون أن يفعل ذلك.

غير أنه في بريطانيا ودول الغرب الأخرى، التي تظهر فيها مثل هذه العلاقات على المكشوف، وتسود فيها الفوضى الاجتماعية نتيجة لتوفر الحرية الشخصية بلا حدود، وكان من نتائجها اضطراب العلاقات الأسرية وتفكك العائلة تنتشر فيها الآن الدعوات إلى العودة إلى حضن العائلة وتقديس الحياة الزوجية، كل ذلك بفضل رادع طبيعي، هو الايدز.

عندنا، الأمر يختلف طبعاً، وشخصياً أعتقد، وهذا كلام جاد لا مازح، أن النساء يمكن أن يكن الرادع المبكر، فبعد الاستئذان من الرجال ممن عنيناهم بكلامنا وطلب السماح منهم، نطالب حريمنا بالقيام بدورهن الحضاري الأزلي، خاصة أن عندهن مواصفات لا تتوفر في المرأة الغربية، فإضافة إلى الحسن، عندهن الصبر وطول البال والتحمل والقوة كذلك.

فعلى قاعدة أن الرجل تربيه امرأتان: أمه وزوجته، نطالب الحريم بالقيام بدورهن هذا، وذلك بالتشمير عن سواعدهن وتربية عضلاتهن وسن أسنانهن، وتعلم المصارعة بدل الطبخ والخياطة والثرثرة، حتى إذا ما لعب البعل بذيله حلت عليه عاصفة الصحراء: ضرباً وشد شعر رفساً ومواعين طايرة وشتماً من النوع الذي يصل إلى آخر الدنيا.

وصحيح أن «جوزك على ما تعوديه» حسب إخواننا المصريين، لكن المشكلة هي: كيف للزوجة أن تعرف أن «سبع الليل» يستحق هذه الحفلة؟

من كتاب (خربشات في حدود الممكن)، إصدارات البيان، 1997.