عبد الحميد أحمد

تزوجوا على زوجاتكم

في مصر تسعة ملايين شاب وشابة في سن الزواج، غير أن المشكلات الحياتية، كالبحث عن سكن ووظيفة، تحول بين الكثيرين من هؤلاء وبين دخولهم عش الزوجية، وقد ارتفع سن الزواج بين شباب القاهرة إلى ٤٠ عاماً وبين الفتيات إلى ٣١ عاماً، أما في القرى فوصل العمر إلى ٣٥ عاماً للشباب و٢٥ عاماً للبنات.

إقبال بركة، وهي دكتورة بكلية الخدمة الاجتماعية، أسست جمعية للزواج تقوم بدور الخاطبة الحديثة، التي توفق بين رأسين في الحلال، واستطاعت هذه الخاطبة المودرن أن تزوج حتى الآن ١٠٠ شاب وشابة، ولاحظت هذه الجمعية، التي زبائنها من ذوي الثقافة العالية، ومنهم الأطباء والمهندسون والمحامون وأساتذة جامعات، أن الفتاة المصرية ترفض ضابط الشرطة لأنه خشن الطباع حسب اعتقادها، أما الرجال فيرفضون الطبيبة لانشغالها الدائم، والنسبة الكبيرة من الشباب يفضلون المدرسات لأن العمل يأخذ من وقتهن ساعات محدودة ثم يتفرغن لأشغال البيت، هذا فضلاً عن إجازة صيفية تمتد لحوالي ثلاثة شهور. ولا شك، إن مثل هذا الكلام سيفرح المعلمات المصريات، وغير المصريات لأنهن مرغوبات أكثر من غيرهن، لكن في النتيجة نفسها التي توصلت لها الجمعية، ما يدل على أن الشباب، ومهما تطورت ثقافتهم وتقدموا في تحصيلهم العلمي، يفضلون ست البيت التقليدية، التي تصحو مبكراً من نومها، وتجهز الإفطار لزوجها وعيالها، ثم تواصل بقية يومها في أعمال المنزل الأخرى، كالطبخ والغسيل والكنس، وتتفرغ تماماً لخدمة البيت، وفي ذلك الأمر، يشترك كافة الشباب العرب مع زملائهم المصريين، وعندنا في الإمارات عرفنا حالات عديدة يعزف فيها الشباب عن الزواج من المتعلمات خاصة الجامعيات، فهم يريدون زوجة لا تناقش ولا تتكلم، ولا تعمل في وظيفة، بقدر ما تكون ربة بيت جيدة وزوجة مطيعة، ولعل في ذلك ما قد يفسر ارتفاع نسبة العنوسة بين الجامعيات أكثر من غيرهن، ويفسر زواج الجامعيين من بنات غير جامعيات، ويفسر أكثر قبول الجامعيات الزواج من شباب مستواهم التعليمي متدنٍ، هرباً من شبح العنوسة والكساد. ثم إن سن الزواج عموماً عندما ارتفع أيضاً، وصار الفتى والفتاة لا يدخلان القفص الذهبي قبل سن الخامسة والعشرين أو الثلاثين، بعد أن كانا في الماضي يتزوجان وهما دون العشرين عاماً، وهذا بسبب الحرص على إكمال التعليم، إضافة بالطبع إلى معوقات الزواج الحالية، كالتكاليف والبحث عن سكن ووظيفة، وهي مشكلات تواجه اليوم كل شاب، كما هو الحال في مصر تماماً، يضاف عليها عندنا ارتفاع تكاليف المعيشة وأعبائها المادية. ومن الكويت، التي تشبهنا في مثل هذه المشكلات، قرأنا عن لجنة خيرية للزواج رفعت شعار «تزوجوا على زوجاتكم» لحل مشكلة العنوسة، وبما أن هذا الحل على الطريقة الكويتية حلو، فإننا نحن المتزوجين المخضرمين نؤيده ونبصم عليه بالعشرة ولكن بشروط:

أولاً: أن تدفع عنا اللجنة المهور وتكاليف العرس، وفوقهما شهر عسل في هاواي، وأن توفر لنا المساكن التي يسمونها عش الزوجية.

ثانياً: أن نحصل من الحكومة على تفرغ تام شبيه بتفرغنا للدراسة، لكي نستطيع القيام بواجباتنا الزوجية على أكمل وجه ومن دون نقصان، إذ لا يمكننا الجمع بين زوجتين أو ثلاث أو أربع وبين وظائفنا الحالية.

ثالثاً: أن تمنحنا الحكومة، إضافة إلى رواتبنا كاملة غير منقوصة، البدلات والعلاوات التالية: بدل طبيعة عمل وأشغال شاقة، بدل غلاء معيشة وأولاد، علاوة الصدعة والحشرة وهي علاوة الصمود والتصدي، علاوة فحولة وفروسية وفوقها وسام الفارس المغوار من ذلك الزمان.

أخيراً: أن تقنع اللجنة زوجاتنا القديمات بالتي هي أحسن، لكي ننال رضاهن على قيامنا بمثل هذه الأعمال الخيرية، وإذا لم يقتنعن، فإننا نطالب اللجنة بتوفير حماية لنا وحراسة مشددة ٢٤ ساعة من بطشهن وتنكيلهن بنا.

ولو تحققت لنا هذه الشروط، فإننا بدل الأربع نتزوج إن شاء الله عشر نساء ونساهم في حل مشكلة العنوسة، وكله بثوابه وأجرنا على الله.

من كتاب (النظام العالمي الضاحك)، إصدارات البيان، 1998.