عبد الحميد أحمد

ثلاثة

ثلاثة يثيرون الإعجاب، ويستحقون التقدير.

الأول: العميد ضاحي خلفان تميم، قائد عام شرطة دبي، الذي يمتاز بحيويته وحضوره الدائم في مشكلات المجتمع، وبآرائه الصريحة وجرأته في الكشف عن الأخطاء والقصور، إضافة إلى سعة صدره وتقبله الرأي الآخر والنقد، وعدم التعالي على هذا النقد، بل الرد عليه من موقع المحاور والمحادث.

فهو مسؤول نشيط يشارك في المحاضرات والندوات والحوارات، حتى الإذاعية منها والصحافية، ولا تقتصر مشاركاته على همومه كرجل أمن ومسؤول عن شرطة، بل تتعداها إلى مختلف القضايا التي تهم الناس، ثم إن مشاركاته إيجابية، إذ عادة ما يطرح فكرة جديدة، أو إجراء عملياً لمواجهة مشكلة ما، إضافة إلى أنه يتقبل المبادرات والاقتراحات، والتي يجدها صائبة لا يتردد في إعلان تأييده لها، وإذا كانت تخص عمله ودائرته، فإنه سرعان ما يبدأ في وضعها موضع التنفيذ.

هذا الحماس والنشاط والانفتاح، انعكس حقيقة على أداء شرطة دبي، وتطور عمل إداراتها ومراكزها، وتسهيل إجراءاتها مع حزم في التنفيذ وحسم في التطبيق، وارتبط كل ذلك بعقلية تميل إلى التخطيط قبل الشروع في أي تطوير.

الثاني: الحاج عبدالله المحيربي، رئيس غرفة صناعة وتجارة أبوظبي، الذي يزيدك إعجاباً بشخصيته وآرائه كلما قرأت له مقابلة أو سمعت له صوتاً، ومع أنه رجل أعمال، وعادة ما تصطدم مصالح رجل الأعمال بالكثير من طموحات التغيير والتطوير، إلا أن الرجل يضع مصلحة مواطنيه ووطنه فوق كل اعتبار آخر، وقد تجلى موقفه هذا في أكثر من حديث وموقع.

أهم هذه الأحاديث أفكاره المستنيرة والواقعية فيما يتعلق بتوطين القطاع الخاص، وفهمه لمشكلات الشباب الخريجين، وتحمسه الشديد لحل هذه المشكلات كالإسكان والزواج والضمان الاجتماعي، وهو يطرح تأييده لاستيعابهم بالقطاع الخاص.

ثم يمكن إضافة مواقف أخرى له، كموقفه من عمل المرأة ومشاركتها في الحياة العامة، ومواقفه الاقتصادية المعروفة، وربما ينعكس قريباً فكره واستنارته وآراؤه البديعة على نشاط وأداء غرفة التجارة والصناعة بأبوظبي.

ولن نضيف أكثر، لكي لا نتهم بمجاملة رجل أعمال، هو قبل كل شيء نموذج آخر للمواطن الواعي، قبل أن يكون نموذجاً لرجل الأعمال الوطني.

الثالث: المقدم علي السيد إبراهيم، مدير إدارة الدفاع المدني بدبي، الذي إن لم يكف ليأسرك بظرفه وروحه الطيبة المرحلة، فإنه يأسرك بحماسه الشديد لعمله وعشقه لتطوير إدارته وتوسيع الوعي لدى الناس بأهمية الدفاع المدني.

ومع أن إدارته تعاني من نقص الإمكانيات والإهمال، إلا أنه يدفع بها بجهده الذاتي ونشاطه وحركته إلى الأمام، فيتغلب بهذا الجهد وهذا الحماس والنشاط على مشكلات عديدة تواجهه، فيبتكر ما يراه مناسباً وعملياً وبسيطاً في الوقت نفسه لتطوير الأداء والعمل في القطاع الذي يتولى مسؤوليته، وقد انعكس هذا الحماس سريعاً على الدفاع المدني بدبي، الذي لو لم يكن قطاعاً حكومياً لاعتقدنا أن علي السيد ورثه من والده حيث يتعامل معه تعامل الإنسان مع ملك خاص يحبه ويحرص عليه.

هؤلاء نماذج مضيئة من المسؤولين، الذين يعرفون أن المسؤولية تكليف، لا كرسي يجب الحفاظ عليه، وغير هؤلاء هناك قلة آخرون يستحقون التقدير أيضاً، ولو أن كل مسؤولينا على هذا النمط، لأمكن حل الكثير مما يعترضنا من مشكلات طارئة أو دائمة.

من كتاب (النظام العالمي الضاحك)، إصدارات البيان، 1998.