-
خطوة خطوة، وسلمة سلمة، صعد ملحق «ثقافة وفكر» حتى وصل إلى الرقم مئة في مشوار الألف خطوة، أو المليون، أو المليار!
وقياساً لهذا الطموح، فإن الملحق لا يزال طفلاً يرضع، أو برعماً على وشك الانفلات والصحو، أو وردة لم تتفتق أكمامها بعد.
لهذا فالتوقف عند تجربة الملحق القصيدة نسبياً مقارنة بغيره من الملاحق الثقافية المحلية أو العربية، يستوجب، إلى جانب الإشادة بمنجزاتها ودورها في الحياة الأدبية، الإشارة إلى بعض سلبياتها ومعوقاتها، عملاً بمبدأ النقد الذاتي أولاً، وبحرية الاختلاف في نطاق البيت الواحد ثانياً، وهو الأمر الذي يتيحه وأتاحه الملحق للكتاب والمتعاونين والعاملين فيه على السواء، وثالثاً لكسر الطقوس التقليدية لأي فرح أو احتفال.
لن ينكر أحد الدور الذي تقوم به الملاحق الثقافية المحلية، ومن بينها «ثقافة وفكر»، في الحياة الثقافية، من حيث كونها منابر مشرعة الأبواب للنشر، ومن حيث رصدها لفعاليات هذه الحياة وحركتها، رغم ما يشوب أداءها من قصور أحياناً، ومن أخطاء وخلل أحياناً أخرى، ورغم حالات المد والجذر التي تناوبت على هذه الملاحق، بسبب من ظروف موضوعية لا دخل للملاحق بها، وبسبب من ظروف ذاتية للملاحق دخل بها.
وقد سبق في مرات سابقة أن أشرنا إلى بعض هذه الظروف، ومنها على سبيل المثال قضية الإشراف الثقافي ومدى نجاحه أو فشله.
«ثقافة وفكر»، برغم بعض ظروفه الذاتية، استطاع أن يشكل حضوراً أسبوعياً لدى المهتمين والمثقفين والكتاب، واستطاع أن يصيب شيئاً من النجاح الملحوظ، وذلك ليس لحسن تبويبه ولا لجودة مادته، فكثيراً ما نشر مواد ضعيفة وكثيراً ما أصاب التبويب شيء من الإرباك، وإنما يرجع هذا النجاح النسبي إلى عامل آخر، موضوعي، وهو ذبول الملاحق والصفحات الثقافية الأخرى، وانعدام وجود المجلات الثقافية القادرة على المنافسة الأسبوعية، مما جعل من «ثقافة وفكر» حصاناً أوحد في ميدان السباق، يتساوى لديه الركض والمشي!
تلك ليست قسوة في النقد، بقدر ما هي إقرار واقع، وللإنصاف يجب أن نضيف أن الملحق بما توفر لديه من إمكانيات مادية وفنية جذب الانتباه، إليه بتنوع مادته الثقافية العربية، حيث لا يخلو عدد من مادة من لبنان وأخرى من مصر وثالثة من السودان ورابعة من اليمن وخامسة من المغرب.. وهكذا، إلى جانب امتياز تقنية الألوان وحسن الإخراج الفني.
لكن كثيراً ما أتى تنوع المادة تلك على حساب المادة الثقافية المنتجة محلياً، سواء كانت هذه المادة نتاجاً إبداعياً، أو تحقيقاً أو مقابلة أو عرضاً لكتاب، أو دراسة نقدية… إلخ، وهو ما يشكل نقيصة، على الملحق سدها وتجاوزها.
ثم إن امتياز اللون الذي يحظى به الملحق مقارنة بغيره، كثيراً ما كان سلاحاً ذا حدين، فمرة يتم توظيفه واستخدامه فنياً وإخراجياً بشكل جميل ومنسجم مع طبيعة المادة الثقافية الرصينة والرزينة، بطبيعتها، ومرات ينقلب فيها السحر على الساحر، فإذا باللون قد تحول إلى مسخ، وإلى نتوءات وبثور على الصفحات، وبدلاً من أن يكون جاذبية للقراءة يتحول إلى منفر شديد لها، وللإشارة إلى حسن استخدام تقنية اللون بما يتناسب مع رصانة الثقافة والفكر وجديتها يمكن أن نحيل إلى ملحق جريدة القبس الأسبوعي المسمى «قضايا القبس» لعقد المقارنة في مسألة استخدام اللون وتوظيفه.
ثمة ملاحظات أخرى تضيق بها المساحة، ويكفي القارئ – الذي نستميحه العذر – أن حشرناه في هموم قد لا تعنيه، لكنها فرحة الوصول إلى الخطوة المئة تطلبت تلك الوقفة السريعة الناقدة، لا المادحة والمشيدة كما جرت العادة في أي احتفال أو فرح.
ولكي لا ننسى، فإن المناسبة تستوجب إسداء الشكر للقائمين على الملحق من محررين زملاء وفنيين أصدقاء، على مثابرتهم وجهدهم الذي لا نشك في إخلاصه.
وللملحق البرعم، الوردة، الطفل، تهنئة على المئة الأولى وتشجيعاً حاراً إلى الألف «فإليها».
إلى الألف