من بين كل نساء العالم، يبقى الخير والبركة والأمل أيضاً، في نساء ألمانيا، فهن وحدهن يحاولن إنصافنا
نحن الرجال، ومساواتنا بالمرأة، ومنحنا بعض حقوقنا المهدورة، كأن يكون لنا ملك جمال، مثلما للنساء
ملكة جمال.
وواضح أن حفيدات كارل ماركس ونيتشة وجوته وفرتر وبيتهوفن وشوبنهاور وهتلر وبنز وأودي وبورش، اكتشفن الظلم الواقع على الرجال، فيما هؤلاء مغلوب على أمرهم لينظموا بعد اتحاداً عالمياً لهم لأخذ حقوقهم، أسوة بنساء العالم، اللائي يتهمن بمناسبة ومن غير مناسبة، الرجال بقمعهن ومصادرة حقوقهن السياسية والاجتماعية والاقتصادية فعوضن عن هذا الاضطهاد، بممارسة ما يمكنهن من قمع وسيطرة في البيوت، حتى أن رجلاً ألمانياً صرخ مرة في زوجته قائلاً: اسمعي، يكون في علمك، إنني لن أحمل الزبالة إلى الخارج قبل أن انتهي من غسل الصحون.
فشعوراً من نساء ألمانيا بمثل هذه المظالم التي وقعت على الرجل، صممن على إقامة مسابقة لاختيار أجمل رجل في ألمانيا مؤخراً، حيث تمخطر أمام لجنة التحكيم (من النساء طبعاً) عشرات الرجال، فكان الفوز بلقب ملك جمال الرجال من نصيب محاسب في أحد البنوك، والحمد لله، إنه كان محتشماً وبكامل لباسه، كما يقول الخبر، فلم «يوطي» رؤوسنا في التراب، كما تفعل عادة ملكات الجمال مع بنات جنسهن، حين يعرضن ما يجوز وما لا يجوز عرضه على الكاميرات والبصاصين من الرجال.
غير أن تصميم نساء ألمانيا بمساواتنا معهن، قادهن إلى عرض برنامج تلفزيوني (مخصص للنساء فقط) يستعرض الرجال كسلعة، كما يفعل الرجال معهن في نوادي العري والبورنو، ما يجعلنا نتركهن وصرعاتهن ونهرب منهن إلى صرعات أمريكا، أم العجايب، قبل أن نتحول على أيديهن إلى قرود وسعادين.
فسابینو جوتيريز، موظف على قد حاله، لكنه مؤخراً كسب تعويضاً مليون دولار، من شركة يعمل بها، حيث اتهم مديرته في الشركة بالتحرش به وملاحقته ومغازلته، ومنع ترقيته لأنه صدها وردها على أعقابها خاسرة، ما يجعل أي رجل شرقي منا يقول له: يا عيب الشوم على رجال آخر زمن، فمن يصح له امرأة تغازله ولو من سريلانكا ويهرب منها؟
وعلى عكسنا، فقد سمعنا بقضايا عديدة في أمريكا، تتحرش فيها النساء بالرجال ويطاردنهم، فيما عندنا يتوهم الواحد أن امرأة ضحكت له في السوق، فيطاردها حتى باب بيتها، ويعطل السير، ويقفز فوق الأرصفة والمباني، ومراكز الشرطة، ويتحول إلى بهلوان، لينال منها موعداً، وكل مشكلتها أنها تعودت على فتح فمها، واستعراض أسنانها الصناعية على جاراتها وقريباتها، بمناسبة ومن دون مناسبة.
إلا أننا نبقى مع أمريكا والغرب وأخلاقهم الجديدة، القابلة للتصدير طبعاً، فأخلاقنا فوق الشبهات ومن حديد وفولاذ ونحاس، فنقرأ آخر ابتكاراتهم، التي يروج لها حالياً فيلم «عرض بذيء» السينمائي الذي يحقق إيرادات ضخمة، حيث تدور قصته حول البطل روبرت ريدفورد الذي يشتري البطلة ديمي مور لليلة واحدة مقابل مليون دولار، وبموافقة زوجها، والقصد أن كل امرأة يمكن أن تباع إذا كان الثمن مغرياً بما فيه الكفاية، فيكون ذلك آخر نتاجات الحرية الجنسية في الغرب، ومع ذلك، فإن هؤلاء لا يزالون ينسبون الإيدز إلى قرود أفريقيا.
وما دام الرجال والنساء معاً، يتصارعون إلى هذا الحد في الغرب، على من ينال حرية أكثر من الآخر، فلا نعجب حين نعرف أن ثلث الفرنسيين غير شرعيين، وأن من بين كل ثلاثة أطفال في فرنسا يولد طفل خارج عقد الزواج.
وما دمنا في فرنسا فنختم بآخر حرب نسائية فيها، فآخر صرعات الموضة لهذا الموسم، هو البدلة الرجالية بالكرافتة للنساء، فهؤلاء قررن إلحاق الهزيمة بالرجال في ملابسهم، انتصاراً لهزيمتهن في المكاتب والأعمال، ما يجعلنا نحمد الله كثيراً أنه لا يوجد في بلادنا بعد مصممات أزياء ومصممون أكثر من بخت الباكستاني وزميله راج الهندي، وإلا من يضمن لنا ألا نرى نصف حريمنا في الشوارع بالكندورة والعقال ونعال كاراتيه اللماع؟
6/6/1993
جيوب أنفية لإحلال السلام،
شكراً لنساء ألمانيا