واضح من الأخبار التي نقرأها كل يوم أننا نعيش الطفرة في كل شيء، فما من خبر هذه الأيام إلا فيه كلام عن طفرة وطفرات، حتى يكاد الواحد منا يتحسس جلده خوفاً من طفرة حساسية.
فهناك طفرة في صناعة الكمبيوتر والإليكترونيات، وطفرة في تجارتهما عبر العالم، بما فيها دولنا.
وهناك طفرة في أسعار الذهب وطفرة في إنتاج البترول، وطفرة في تسويق المنتجات المكررة وصناعتها، وطفرة أيضاً في الخلافات بين الدول المستوردة والمنتجة من ناحية، وطفرة أخرى في خلافات أعضاء أوبك على سقف الإنتاج، وعلى ذكر الخلافات هناك أيضاً طفرة كبيرة في الخلافات الزوجية.
وهناك طفرة في إنتاج الدواجن والطيور والمواشي، وفي إنتاج الخضروات والفواكه، حتى أنه من وراء هذه الطفرة نرمي أطنان التفاح في البحر، ونحرق أطناناً أخرى من البطاطا والطماطم كل يوم، ونلقي بأطنان القمح كغداء للماشية.
وهناك طفرة في الإعلام والاتصالات، وطفرة في شبكات القنوات الفضائية، وطفرة في أفلام هوليوود وفي أفلام المقاولات، وطفرة في الهواتف المتحركة والواقفة.
وهناك طفرة في صناعة المنسوجات والملبوسات والأزياء والعطور والمساحيق، ومثلها طفرة في الدعاية والحملات الإعلانية عبر القارات لهذه الأزياء والعطور وأصباغ الوجه.
وهناك طفرة في إنتاج السيارات والطائرات، وطفرة في حركة التبادل التجاري عبر الدول، وفي حركة الشحن البري والجوي والبحري، وطفرة أخرى في بناء الفنادق والعمارات السكنية، وطفرة في الحركة السياحية حتى في بلدان لا تملك من السياحة إلا فنادق 3 نجوم على الأكثر.
وهناك طفرة في أعداد الأطباء والمهندسين والمعلمين، وطفرة في ازدحام المرور واختناقات السير، وطفرة في المحادثات الاقتصادية والزيارات السياسية والمعارض التجارية، وطفرة في أعداد المدخنين والمصابين بالإيدز.
وهناك طفرة في أعداد الدول في عضوية الأمم المتحدة، وطفرة في النزاعات الإقليمية والأهلية، وطفرة في التحركات السياسية لإحلال السلام في كل مكان، وطفرة في الديمقراطية وحقوق الإنسان من كمبوديا إلى الأورجواي.
وهناك طفرة في الساعات والأحذية، وطفرة في المأكولات السريعة، وطفرة في المشروبات الغازية ومعها طفرة في حركة التجشؤ عبر المحيطات، الأمر الذي نخشى معه أن يؤثر على طبقة الأوزون.
وهناك طفرة في المدارس والجامعات والمستشفيات، وطفرة في بناء المطارات والموانئ والطرق، وطفرة في صناعة السلاح والسجائر والبامبرز.. وخاصة الذي لا يتسرب منه البلل.
ومع ذلك، هناك طفرة في أعداد الأفارقة المزلطين، وفي أعداد الآسيويين الحفاة، وفي أعداد الصوماليين الجياع، وفي أعداد البوسنيين المقتولين، وطفرة في الأتراك والمغاربة المضطهدين في أوروبا، وطفرة في طوابير الخبز واللحم في روسيا، وطفرة في الحركات العنصرية والقومية والعرقية وطفرة في المواقف الدولية والإقليمية بما فيها مواقف الباصات.
أما عندنا في العالم العربي، فعندنا كل أنواع الطفرات، من الطفح الجلدي وطفح البالوعات، حتى الطفرات القياسية في أعداد الطفرانين من أنفسهم. 19/6/1993
عصر الطفرة – عبد الحميد أحمد