عبد الحميد أحمد

شعر خفيف الدم

بين يدي قصيدة مطلعها شكوى امرأة من وزنها الزائد، حتى ان زوجها على وشك ان يستخدم بطنها كرف في المطبخ يضع عليه المواعين ، فقررت تخفيف الحمولة الزائدة عن طريق التمارين الرياضية وتنزيل الكرش، فلا تعود مادة سخرية لزوجها، خاصة ان هذا هددها بالطلاق في حال استمرت في وزنها الثقيل، الذي يبدو أنه مكلف للزوج ويسبب له الاخطار بأنواعها، من خطر الفقر إلى خطر الموت دهسا ودعسا وفطسا، الله الوكيل.

وما دام ان قريحة المرأة فاضت شعرا على الورق، فلابد أن معاناتها من حجم الشعر ووزنه واهميته، اذ لا يصنع الشعر بأنواعه اكثر من المعاناة، كما ان زوجها حسب القصيدة يرد عليها شعرا ايضا، ما يعني انهما يتقاسمان، من بعد العيش والملح، المعاناة نفسها، اي بدانة الزوجة وتفكيرها المستمر في التخلص منها لكي تعود كجارتها غصن بان لينا.

القصيدة بعد ذلك ليست إلياذة ولا أوديسة لكي اقدم للقارىء اليوم قراءة منهجية وبنيوية وتفكيكية وتحليلية وتشريحية وانطباعية واكلينيكية لها، إلى آخر قائمة المدارس النقدية الحديثة التي يؤمن بها شعراء العربية الشبان، فهي ليست اكثر من مداعبة بين زوج وزوجته، حملها لنا الفاكس مؤخرا من قارىء، نشاركه اليوم وبقية القراء هذا الهذر والمزاح، فعلى الاقل، ان لم يكن اعجابا بابداع الزوجات والازواج، فلكي نرتاح مما يجري حولنا من احداث، اكثرها احزان وبكاء ونواح.

فقد لاحظت الزوجة ذات يوم انها زادت وزنا بما لا يليق فقالت: متنت وودي اخف وانزل الكرشة ابتمارين فطوم ام اليلد لصلف لو شفتها كم ضعفت الحين غير أن زوجها لم يعجبه قولها وهي تغمز من قناة جارتها وتشبيهها بـ (أم الجلد الأصلف) فرد عليها: قلت لك كلامج دوم مجحف في حقها، هيه جسمها زين وإلا اللي عندي بطنها رف قاصر عليه إنحط مواعين وبما ان كلامه كالسم الزعاف فقد استشاطت غضباً عليه فقالت من القصيدة نفسها: بسك خلاص ولا تسيخف حاشا،

ما بتشوف بي شين وهذاك كرشي لي مرضف بيختفي في ساعه وحين ولا تظنني بالقول اسولف عن الاكل بقصّر هاليدين بركض مديم ولا بوقف أتقول وحده م البعارين بس بكلامك لي تلطف اتهون لك عشرة هالسنين وواضح طبعا انها مع تعهداتها بتخفيف وزنها استدرت عطفه وهي تذكره بعشرة السنين بينهما، فرد عليها يذكرها بحاله: قلت أنا روحي موظف ما حيد ني املك ملايين عن الاكل نفسك ما تعف وزنك يا حرمه صار ميتين كل شيء هذا الحلق يلقف ولو وقف بلحظة تموتين والله ثم والله بحلف لا اطلقج لو ما تخفين وصدقه ترا ذاك الموصف حد إيجيب الصبع في العين وهكذا فان الزوجة تواجه تهديدا بالطلاق لو لم تنجح في تخفيف وزنها، فالزوج على قد حاله، لا طاقة له باطعام امرأة وزنها مائتا كيلوجرام، وان كنت شخصيا اتمنى فشلها الذريع، لأنه لولا هذا الوزن الثقيل لما كانت خفة الدم ولا هذا الشعر الظريف المسلي، ما يجعلنا نرجو الزوج المبتلى ان يتحمل اكراما للقراء ولي من محبي هذا الشعر.

عبد الحميد أحمد

التاريخ: 05 يونيو 1999