عبد الحميد أحمد

الوسامة ضارة أيضاً

لا يصلح الرجل الوسيم للعمل في شركة أو مؤسسة فيها موظفات أو عاملات, ذلك لأن هذا الرجل الوسيم يهدد بتدهور انتاجية الموظفات وخلق مشكلات في العمل أقلها الغيرة والحسد بين العاملات والمنافسة على كسب وده, فاذا تطورت هذه المشكلات واستعصت أصبحت أقرب الى الحرب الخفية التي تنعكس بآثارها السلبية على العمل فالأفضل لمثل هذا الوسيم العمل في السينما أو المسرح أو حتى بائع خضروات من العمل في شركة فيها نساء.

وهكذا فان عارضاً للأزياء ألماني الجنسية وبعد أن تقاعد من عروض الموضة بسبب سنه (34 عاماً فقط) خسر وظيفته بعد يومين فقط من حصوله عليها في شركة عقارات, ذلك لأن كل موظفة في الشركة صارت تفتح فمها طيلة ساعات الدوام اعجاباً وانبهاراً وأخرى تضع يدها تحت خديها وهي تراقب الموظف الجديد وتحلم أحلام يقظة, وثالثة أكثر جرأة صارت تتغزل به وترسل له قبلات في الهواء, ورابعة تغار من هذه فترد عليها بحركات للفت نظر الشاب, وهكذا الى آخر الدوام. بعد يومين اكتشفت مديرة الشركة ان هناك ضعفاً في الانتاج وهدراً في الوقت, فلما عرفت السبب أنهت خدمات المذكور, الذي تحول الى دون جوان رغماً عن أنفه, بتهمة توتير الموظفات وعرقلتهن أثناء العمل, وقالت له في رسالة انهاء الخدمة: آسفة, معظم العاملين في شركتي نساء ووسامتك تثير المشكلات, مع السلامة.

طبعاً المذكور مظلوم يدفع ثمن وسامته, وهو ربما كان عليه أن يضع مكياجاً يشوه جماله حال حصوله على وظيفة, لذلك رفع دعوى ضد الشركة يتهمها بالاضطهاد الجنسي, لأنه لم يقم حسب رأيه بأي نوع من التحرش ضد موظفة أو ضد رئيسته, وأنه فصل لمجرد أنه وسيم, مع العلم أن هذا الفصل من العمل هو الثاني من نوعه الذي يتعرض له هذا الشاب, ما يؤكد انه لا يتعلم من الدرس وان الوسامة والجمال نكبة لصاحبهما أحياناً, فيحمد الله كل رجل لم يمنحه الله وسامة أو جمالاً, حين يعرف نعمة القبح عليه.

هل كان يجب على مديرة الشركة ان تفصل الموظفات كلهن بدل الشاب؟ أعتقد ذلك, لأن انشغالهن واحدة بعد الاخرى بالشاب ووسامته لا يعني فقط أنهن غير مؤدبات وغير لائقات للعمل, بل يعني أن العمل يأتي في الموقع الثاني من اهتمامهن بدليل اعطاء الأولوية للشاب على العمل وصرف الساعات عليه, ما يدل على عدم شعورهن بالمسئولية, لولا أن المديرة انحازت لهن وقررت صرف الشاب الوسيم من الخدمة فوراً قبل خراب البصرة.

لم نسمع مقابل هذه الواقعة حتى الآن عن شركة أو مؤسسة صرفت من الخدمة فتاة جميلة لأنها شغلت الموظفين عن عملهم وأثارت بينهم المشكلات بسبب الغيرة والمنافسة الشريفة على خطب ودها, مع أن هناك مئات من هذه الشركات والمؤسسات التي يعمل فيها رجال بكثرة وتستخدم فتيات جميلات للعمل كموظفات في الوقت نفسه, ذلك لأن مثل هذه الشركات ترتفع فيها الانتاجية وتزيد ساعات العمل, خاصة في وطننا العربي, حيث يتدافع الموظفون الى العمل نشطين ومبكرين ويقضون ساعات يومهم في الانتاج بدلاً من الثرثرة ويغادرون آخر الناس وآخر الدوام, وذلك لوجود موظفات حسناوات, ما يمكن اعتبار وجودهن نعمة للعمل لا نقمة عليه, مقابل الشركات التي لا وجود لنساء فيها فيكثر غياب الموظفين وتذمرهم وخمولهم وضعف انتاجهم.

غير أننا نختم بالشاب الألماني الذي يدفع ضريبة وسامته, فواضح أن أبواب العمل ستكون موصدة في وجهه بما في ذلك الأعمال الفردية كسواقة التاكسي أو بيع الفواكه, لأن لا أحد من الناس يجرؤ على طلب خدمات من هذا النوع من شاب شديد الوسامة وذلك من باب الخجل منه, فأنصحه اما بالعودة الى عروض الأزياء, وهذا غير ممكن نظراً لتقدم السن بالنسبة لمثل هذه المهنة, واما باجراء عملية تشويه تلغي وسامة مظهره, فيدشن على يديه لأول مرة مصطلح عمليات تشويه, على غرار عمليات التجميل المعروفة, وهذا ممكن طبعا, بعد ثبوت أن الوسامة الزائدة مثل القبح الزائد كل منهما ضار بصاحبه.

عبدالحميد أحمد

التاريخ: 21 يناير 2000