تعاطفت هذا الاسبوع مع سيدة سعودية، من بين تعاطفي مع قضايا اخرى، خربت لها حبوب الفياجرا بيتها، بعد عمار دام 35 عاما، فقد استدل زوجها على هذه الحبوب المنشطة، لتجده بعد ذلك قد هجر بيت الزوجية إلى عش دافىء جديد آخر، من دون اي اعتبار لعشرة العمر ولا للسن ولا للعيش والملح .
اما السيدة، فواضح انها قوية لا تستسلم بسهولة لاقدارها، سواء جاءت هذه الاقدار من الفياجرا أو من غيرها، فهي رفعت دعوى قضائية ضد وكيل هذه الحبوب، التي لم تكن على البال ولا على الخاطر، تطالب فيها، بتعويض مادي، لان زوجها بتناوله هذه الحبوب يعرض نفسه للخطر وبيته للخراب، خاصة بعد ان دفعته هذه الحبوب إلى الاقتران بفتاة شابة، لم يفكر يوما، كما تقول الزوجة المنكوبة، ان يقترن بأي امرأة اخرى الا بعد أن تناول الفياجرا.
طبعا في القصة تحذير واضح لكل امرأة بأن تأخذ حذرها من الفياجرا، وألا تكون يا غافل لك الله، فاذا كانت المرأة عاشت سنواتها الماضية ولعشرات الاعوام تفتش جيوب زوجها ودفتر عناوينه وتليفوناته وتفحص ثيابه لاكتشاف اي اثر ظاهر أو خفي لامرأة اخرى، فان عليها اليوم ان تفتش جيوبه وثيابه ودولاب ملابسه ومكتبه وكل ركن من اركان البيت، يمكن للزوج ان يخفي فيه حبوب الفياجرا، فهذه هي الان مصدر الخطر، لانها الوسيلة التي قد تقود الزوج إلى زوجة ثانية وثالثة ورابعة وهكذا.
اما المرأة التي سوف تعتقد، في حال وجدت يوما حبة فياجرا عند زوجها يخفيها في مكان ما، ان زوجها يحبها، ويريد ان يعيد ايام الحب البائدة معها، فهذه ليست الا مخدوعة ومغشوشة، آن الاوان لكي تزيل الغشاوة من على عينيها، فالزوج الذي يريد ان يعيد أىام الحب والغرام، لا يحتاج إلى فياجرا، فهو يحتاجها فحسب لزوجة آخر موديل وجديدة وتنعش الفؤاد، فلا يضطر معها ان يتحسر على شبابه الضائع، وهو يقول: الا ليت الشباب يعود يوما لاخبره بما فعل المشيب، فمع الفياجرا، لا مشيب بعد اليوم.
وتصلح جملة (مع الفياجرا، لا مشيب بعد اليوم) شعارا دعائيا للحبوب السحرية الزرقاء، الا اننا لن نفكر للشركة الامريكية المصنعة مجانا، فهي ان استخدمت يوما هذا الشعار، فسوف اطالبها بتعويضات معتمدا على قوانين حماية الملكية الفكرية، التي اذلنا بها الامريكان وهم يطاردوننا في عقر دارنا، على شريط فيديو وكاسيت غنائي وديسك كمبيوتر وغلاف كتاب وما إلى ذلك، فأحذر الشركة، ووكيلها المحلي، من الان، من استخدام هذا الشعار، من دون موافقة مسبقة.
ير أنني ابقى مع السيدة السعودية المغدورة، فهي طالبت القاضي بمنع زوجها من تناول حبوب الفياجرا، لولا ان القاضي لم يجد نصا شرعيا يتيح له مثل هذا المنع، وان كان يمكن طبعا تحذير الزوج من تعاطيه هذه الحبوب منعا لضرر محتمل على الزوجة، في حال هجرها زوجها، فاكتفى القاضي بالحصول من الزوج على وعد بعدم استخدام الحبوب الا بوصفة من طبيب مسلم مختص.
وبما ان القضية خاسرة كما هو واضح، مثل كل قضية عربية اخرى، من فلسطين إلى الطلاق وما بينهما، فالاسلم للسيدة ان تتمسك بدعوى طلب التعويض من الشركة، تقديرا للضرر الذي وقع عليها، وهو ضرر لم يكن ممكنا حصوله لولا حبة الفياجرا التي اخترعتها الشركة الامريكية المصنعة، فيكون هناك من المنطق في الدعوى ما يكفي الشركة لكي تستسلم للسيدة السعودية وتستجيب، كما هو حال الدعاوى الامريكية نفسها في الولايات المتحدة، فتفهم الشركة ان خراب البيوت مش لعب عيال.
عبدالحميد أحمد
التاريخ: 16 أبريل 1999