عبد الحميد أحمد

أحلام خليجي

لو سئل مواطن خليجي عن إنجازات مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي نحتفل اليوم بالذكرى العاشرة لقيامه، لما عرف إجابة وإذا حصل وحك ذهنه فسيتوصل إلى إجابتين: الأولى العلامة التي تواجهه في مطارات دول التعاون وتعطيه الأولوية في المرور على موظفي الهجرة والثانية الأغنيات الوطنية التي ترددها إذاعاتنا وأشهرها «أنا الخليجي»!

ولو سئل مواطن أوروبي عن الإنجازات التي تحققت حتى قبل حلول موعد أوروبا عام ١٩٩٢ فإنه سيعدد الكثير وسيضيف ما سوف يتحقق قريباً ويلمسه مباشرة.

وفي الكلمة الأخيرة، أي «يلمسه مباشرة» يكمن سر حيرة الأول وعدم تردد الثاني في الإجابة.

لا نريد من هذا الكلام التقليل من شأن مجلس التعاون الذي استطاع عبر عشرة أعوام تأكيد وجوده وحضوره السياسي ومن تجاوز أخطر الأزمات التي مرت بالمنطقة وكان آخرها محنة احتلال الكويت.

ولا نريد كذلك القول إنه لن يكون أحسن مما كان فالمقبل والآتي لا يزال يحمل وعوداً لأبناء المنطقة التي ارتأت في مجلس التعاون شكلاً وصيغة لتأكيد وحدتهم الاجتماعية وحدة الدم والتاريخ والعادات والعقيدة والمصالح وهي وحدة تمتد عبر السنين يربطها الحسب والنسب والقبيلة والعشيرة حتى من قبل قيام المجلس.

وكان اختبار الكويت شاهداً قوياً على هذه القواسم المشتركة التي تجمع أبناء المنطقة وتصهرهم في جسد واحد وقلب واحد.

وإذا كان العقد الذي مضى هو عقد التأسيس والاختيار والتجربة وقد أثبت نجاحه في ذلك فإن المواطن الخليجي الذي يعيش على أعتاب القرن المقبل، وفي حقبة التحولات الكبرى يريد من العقد المقبل، أن يكون عقد تحقيق أحلامه التي يستطيع أن يلمسها مباشرة كالأوروبي الذي يلمس اليوم وغداً ثمرة التكتل والاندماج الجاري على أرض الواقع مباشرة، لا على شاشات التلفزيون ولا خلف موائد الاجتماعات ولا في ملفات اللجان.

وإذا جمعت المصالح الاقتصادية وحدها دول أوروبا وحكوماتها وشعوبها على إنجاز ما أنجزه، فإن لدى أبناء الخليج حكومات وشعوب من المصالح المشتركة ما يفوق المصالح الاقتصادية ليصل إلى مصالح الأسرة الواحدة، والبيت الواحد بما تحمله الأسرة من معان وما يتضمنه البيت من أبعاد ووشائج.

فيم يحلم المواطن الخليجي إذن؟

أحلام بسيطة وعفوية يحلم بأن تكون عمان والإمارات وقطر والبحرين والسعودية والكويت أرضاً له ينتقل فيها متى يشاء وكيف يشاء ويقيم ويعمل أينما يريد وفي جيبه جواز موحد وعملة واحدة يصرفها في كل مكان، لا يتوقف لدى موظفي الهجرة بالمطارات كالمسافرين الآخرين، ولا يطالب بسؤال عن سبب الزيارة.

ويحلم أحلاماً أخرى أكثر، استثمار مشترك، جيش واحد، لا حواجز جمركية أولوية في العمل والعقود التجارية… الخ.

أما الأحلام فمهما بدت بعيدة كالخيال فإنها مع السنين تتحول إلى ضرورات لا غنى عنها ولا مناص وأوروبا تشهد.

… وهنا تحدي العقد المقبل.

من كتاب (خربشات في حدود الممكن)، إصدارات البيان، 1997.